رئيس التحريرأميرة عبدالله

جامع “المحمودية” و الوالي الملعون ينتظر الترميم

جامع “المحمودية” و الوالي  الملعون ينتظر الترميم

“الوالي الملعون” يغلق أبوابه في وجه الزائرين

كتبت: اسما فاروق

في لوحة معمارية تجسدت في ميدان صلاح الدين حيث عبق التاريخ ورائحة الماضي ضمت القلعة ومسجد السلطان حسن والرفاعي، يتوسطهم جامع المحمودية يحاكي العراقة والطابع الإسلامي وأصالة الماضي، التي سرعان ما تتلاشى بعد أن تصعد بضع درجات متجهاً إلى باب المسجد لتجده مغلق في وجهك، فتعاود أدراجك لتهبط الدرج ليلفت انتباهك ماتعانيه المئذنة من تصدع، وما أن ترفع رأسك لأعلى حتى ترى النوافذ مهشمة، رغم أن باقي البناء يجسد تحفة معمارية تجعلك تحدث نفسك وتلومها فكيف لا تستطيع أن تعبر ذلك الباب الموصود بوجهك لتمر بالداخل وترى ما بداخل هذا التحفة المعمارية التي أنشأها الوالي الملعون كما تذكره المصادر.

يشغل الميدان ثراء أثري كبير حيث تشرف عليه من الشرق قلعة صلاح الدين ومسجد محمد علي باشا الكبير، ومن الغرب مسجد السلطان والرفاعى، ويجاوره أيضاً مسجد قاني باى أميرآخور، ويتوسط  الميدان مسجد المحمودية الذي أنشأه محمود باشا والي مصر من قبل الدولة العثمانية في عصر السلطان سليمان ابن السلطان سليم، وتذكر روايات المصادر الأثرية والتاريخية، أنه لما وصل إلى الإسكندرية في سنة 973 هجرية، قدمت إليه الهدايا والتحف والخيل، وحين بلغ القاهرة قدم اإليه حاكم الصعيد الأمير محمد ابن عمر هدايا كثيرة وتحف و 50 ألف دينار، وبالفعل تسلم منه الهدايا ثم غدر به وقتله واستولى على ثروته.

كما ذكرت المصادر مدى ظلمه الشديد وكيف كان جائراً في أحكامه يصادر أموال الناس بلا حق ويذكر الدكتور حسن عبد الوهاب عالم الآثار في إحدى كتاباته، أن محمود باشا خرج في جمادى الآولى سنة 975 هجرية بموكبه الفخم من القلعة كعادته، وبينما يمرعلى بركة الناصرية بين البساتين اعتدى عليه شخص مجهول بطلقة نارية، كانت هى بمثابة الخلاص لمن ظلمهم وجار عليهم حيث لم يجد لها علاج، وأوصى وهو يحتضربعتق جميع مماليكه، وبجميع ممتلكاته  لزوجته ثم توفي ودفن في مسجده هذا.

انتهى بناء هذا الجامع سنة 975 هجرية، وهو من المساجد المعلقة يصعد إليه ببضع درجات، وله أربعة واجهات بنيت بالحجر وتضم وجهته الشرقية القبة البسيطة، وتدل الصورالقديمة للمسجد على أنه كان يسار الباب سبيل وقد أدركت لجنة حفظ الآثار بقايا أرضيته  الرخامية فأودعتها  دار الآثار العربية.

كما أن بناء منارة الجامع فوق قاعدة مستديرة و القبة خلف المحراب بارزةعن الجدار الشرقي، اقتبسها مهندس هذا الجامع من مسجد السلطان حسن القريب منه، أما داخل الجامع فنجد قاعة كبيرة مربعة تتوسطها أربعة أعمدة من الجرانيت الأحمر اللون، أما القبة فتقع خلف المحراب وقد فرش مدخلها برخام أسود وأبيض ويتوسطها ثلاث قبور أحدهم قبر المنشئ وهي خالية من النصوص التاريخية.

وعندما تطل بناظريك إلى أعلى داخل الجامع تجد بالسقف كتابات يحوي نصها “بسم الله الرحمن الرحيم لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، قال صلى الله عليه وسلم من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتاً في الجنة أوسع منه، أمر بإنشاء هذا المسجد المعمور من فيض ماله المبرور المقام العالي واسطة عقد اللالي أمير الأمراء الكرام كبير الكبراء ابتداؤه وتاريخه بحكم منشئه الأول المبدى975 وانتهاؤه بمعانة، له من الرتب على أنه ليضىء برا للرضى والإكرام المختص.. حضرة الأمير الباشا محمود راجياً من كرم القبول ومن فضله العفو مرتضى تقبل الله”.

واحتفظ الجامع بتفاصيله الخارجية وفقد كثير من تفاصيله الداخلية فأدركته لجنة حفظ الآثار العربية سنة1885 ولم تجد فيه شيء من الأبواب والشبابيك والأرضيات وفي سنة 1904 فحصت اللجنة أسس الجامع وتم إصلاحه وافتتح رسمياً عام 1906 ميلادية، وفي 2015 شهد الجامع تصدع وشروح كبيرة فى المئذنة وقامت المخاطبات بين الأوقاف والآثار، وظل الجامع مفتوح للصلاة حتى اغلق خلال الشهور القليلة الماضية بحسب حديث العامة من أهل المنطقة المجاوريين للجامع.

ويقول الدكتور حسني نويصر أستاذ الآثار الإسلامية، إن ميدان صلاح الدين كان  يسمى قديما بميدان الرميلة، أما جامع المحمودية فاينسب لمحمود باشا أحد ولاة مصر فى العصرالعثماني والذي مات مقتول، وقد اطلق عليه محمود الملعون فقد كان لا تهدأ نفسه ولا تغمض عينه إلا إذا قام بالقتل، أما عن طراز الجامع فقد حمل تأثر محمود باشا بعمارة البلد التي يحكمها كا والي، حيث تميزت العمارة العثمانية في هذه الفترة بمصر بطرازان، الأول عثماني بحت مثل جامع محمد علي، والملكة صفية، وجامع سليمان باشا الخادم وغيرها، بينما الطراز الثاني وهو المصري تأثر بالعمارة المصرية المحلية، لافتاً إلى قيام المجلس الأعلى للآثار بعمل حفائر فى الثمانينات والتسعينات، وعليه تم اكتشاف الصهاريج التى كانت تعبء بالمياه ليستخدمها أرباب الوظائف بالجامع للوضوء والطهارة وغيرها. 

ويرجع الدكتور محمد رشاد مدير منطقة جنوب، إغلاق الجامع فى الوقت الحالي لإخصاعه لإعداد مشروع ترميم ومقايسة تتبع إحدى المكاتب الإستشارية، مشيراً إلى أنه فورالإنتهاء من عمل المقايسة ستسلم للوزارة، وسيلي ذلك طرحها بين شركات الترميم تحت إشراف وزارة الآثار للإنتهاء من ترميمه وإعادة فتحه مرة أخرى للصلاة والزيارة للسائحين.

شارك برأيك وأضف تعليق

أحدث التعليقات

    2024 ©