رئيس التحريرأميرة عبدالله

المجتمع المدني و محاربين الفشل الكلوي

المجتمع المدني و محاربين الفشل الكلوي

بقلم دكتور يحيى هاشم استاذ علم الاجتماع و استشاري برامج الحماية الاجتماعية 

نعيش في عالم نطلق عليه عالم السموات المفتوحه الذي تنطلق فيه المعلومات و المعرفة بسرعة هائلة بين كل بقاع الأرض و يسهم هذا العالم المفتوح في زيادة وعي المجتمعات بالعديد من القضايا المجتمعية التي تحتاج الى تصدي حقيقي للمجتمع المدني لها و لكن نلاحظ ان المجتمع المدني في مصر يحتاج الى زيادة الوعي بهموم و مشاكل مرضى الفشل الكلوي الذين يعيشون على الاستصفاء الدموي مدى الحياة أو يعيشون على ما نطلق علية في المجتمع مجازا الغسيل الكلوي و الذي يكون ثلاثة ايام في الاسبوع مدى الحياة .

دعونا نغوص اولا في حياة الابطال من محاربين الفشل الكلوي لتتخيلوا معي حياتهم الدائمة بما تحمله من هموم ثقيلة حتى نحدد بدقه كيف يمكن أن يكون المجتمع المدني داعما لمحاربين الفشل الكلوي بصورة تحقق لهم جودة الحياة و متعة الحياة لنحاول أن نعوضهم بأي شكل من الاشكال البسيطة عن المعاناة الدائمة التي يعيشون فيها .

ان مريض الفشل الكلوي يتوجة يوم بعد يوم الى مركز الغسيل الكلوي ليتلقى جلسة الغسيل الكلوي لمدة اربعة ساعات في كل مرة أي أنه يقضي نصف عمره في وحدة الغسيل الكلوي ناهيكم عن معاناة تركيب الابر الخاصة بتوصيل المريض على ماكينة الغسيل من خلال الوصلة الشريانية الوريدية الموجودة في احد ذراعية مع العلم أن هذا الذراع لا يمكن ان يستخدمه في اي انشطة اخرى في حياته اليومية سواء من رفع أي شيء أو قياس الضغط أو سحب عينة دم للتحاليل الطبية لكي يحافظ على هذا الذراع لأنه ببساطة هو طريقه الوحيد للحفاظ على حياته .

و ذلك بالاضافة الى أن محارب الغسيل الكلوي يحتاج الى العديد من الادوية البروتوكولية المعروفة سواء ادوية سيولة الدم قبل الجلسة او الفيتامينات بعد الجلسة او الادوية الدائمة الخاصة بالعديد من الوظائف الحيوية للجسم أو ادوية الحديدو ادويه ضغط الدم و غيرها من الادوية لأي احتياج آخر يختلف من مريض الى الآخر .

و لكن السؤال المهم ما ذا يحتاج محاربين الفشل الكلوي من المجتمع المدني ؟ و هذا ما نود أن نسهم في زيادة وعي المجتمع به بداية من ادراك الحالة الصحية و العامة لمريض الفشل الكلوي المتواضعة ثم انتقالا الى الاسهام في توفير مراكز الغسيل الكلوي الكاملة التجهيز و المرافق و الادوات الطبية لكي تقدم خدمة طبية متميزة و كذلك اسهام المجتمع المدني في كل حي او قرية لحصر مرضى الفشل الكلوي به لتوفير وسيلة انتقال ذهابا و ايابا ثلاثة مرات اسبوعيا من و الى وحدة الغسيل الكلوي و الاسهام في توفير الادوية الدائمة لهم بشكل مستمر لانها تتكلف ارقام مالية كبيرة تتجاوز الآف الجنيهات شهريا .

كما أن الاجراءات الروتينية التي ترهق مرضى الفشل الكلوي لتجديد خطاب التأمين الصحي الموجه الى مراكز الغسيل الكلوي كل ثلاثة شهور لابد أن تتغير لتلائم الحالة الصحية لهؤلاء الابطال الذين يتحملون كل هذه المعاناة طول العمر .

و يمكن أن يكون هناك كارت بيانات معتمد من الدولة سواء يصدر من وزارة الصحة أو وزارة التضامن الاجتماعي خاص بمحاربين الفشل الكلوي فقط يمنحهم الحق في اولوية انهاء اي اجراءات او معاملات خاصة بهم في كافة مرافق الدولة دون الوقوف في الطوابير الطويلة و انتظار الدور لتخفيف المعاناة عنهم .

و يمكن اضافة فقرة مهمة في فانون العمل تمنح المرافق من الدرجة الاولى لمحارب الفشل الكلوي اجازة بأجر تجدد سنويا لانه يرافق هذا المريض بشكل دائم ليسهم في رفع المعاناة عن كاهله .

ان محاربين الفشل الكلوي الابطال في مصر ينتظرون دعما حقيقيا واقعيا من المجتمع المدني ليسهم معهم في تحقيق تمكين حقيقي لهم في المجتمع يحقق لهم جودة الحياة و لأنهم يشعرون بأن المجتمع لايعرف عنهم الكثير و بالتالي لا نشهد أنشطة مجتمعية قوية لمحاربين الفشل الكلوي مثل محاربين أي من الامراض الخطيرة الاخرى التي يهتم بها المجتمع المدني .

و بما ان الوعي ارادة وطن فان زيادة الوعي بمحاربين الفشل الكلوي و همومهم و اوجاعهم و معاناتهم تعتبر واجب على المجتمع المدني الذي ننتظر منه الكثير من أجل تحقيق واقع حقيقي يخدم هؤلاء الابطال .

شارك برأيك وأضف تعليق

أحدث التعليقات

    2024 ©