رئيس التحريرأميرة عبدالله

المهاجرون إلى دولة التوكتوك الشقيقة… !!

المهاجرون إلى دولة التوكتوك الشقيقة… !!

بقلم: عصام متولي “كاتب وروائي”

منذ ما يزيد عن إثنى عشر عاماً انتشر وتفشى في الشارع المصري هذا الكائن الهندي الأسود العجيب ذا الثلاث عجلات المسمى بالتوك توك ليملأ شوارع المحروسة ويسد الطريق على المارة الذين يضطرون أخيراً إلى الخضوع لابتزاز هذا الكائن الذي يقطع عليهم الطريق ليقلهم حتى أعتاب بيوتهم.

فمنذ ظهور هذا التوك توك تبدلت معه الكثير من عادات المجتمع المصري الذي كان يحب أفراده المشي في الشوارع سواء للتنزه أو لقضاء مصالحهم، والآن تبدل الحال وأصبح التوك توك يمثل القدم الذي يمشي عليها المواطن المصري.

ويدافع البعض عن التوك توك بزعم أنه وفر الكثير من فرص العمل للشباب، وأصبح مشروعاً استثمارياً مربحاً لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة.

إلا أن العكس هو الصحيح تماماً، فقد كانت أخطر الآثار المترتبة على ظهور هذا الكائن الغريب في مصر هو خلق نوع جديد من أنواع البطالة … نعم البطالة.

لك أن تعلم عزيزي القارئ أن الشاب الذي يقود التوك توك يكسب في (الوردية) الواحدة (12 ساعة) ما يقارب أو يتجاوز المائة جنيه. 

وفي ظل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد من حين لآخر يهرع الشباب من حاملي المؤهلات العليا والمتوسطة، وكذا شباب الحرفيين الذين يملكون صنعة فنية في أيديهم مثل عمال البناء والميكانيكا والخراطة والأعمال الصحية، إلى الهجرة… نعم الهجرة الداخلية إلى دولة التوك توك الشقيقة الذي يجدوا فيها ضالتهم، ويتكسبون منها رزقهم، دون الحاجة إلى التعب والكد في مهن صعبة وخطرة في بعض الأحيان لكسب أقل من نصف ما يحصلون عليه من قيادة التوك توك، فهو وسيلة كسب سهلة وسريعة وممتعة في ذات الوقت وبها الكثير من المرح والأغاني والتسلية.

وهنا مكمن الخطورة وسر عزوف الشباب عن الوظائف التي تعلن عنها الحكومة من حين لآخر في مصانع إنتاجية في المناطق الصناعية النائية، حيث يقضي الشاب ساعات في الطريق حتى يصل إلى عمله  وينصرف آخر اليوم بشق الأنفس.

فتصبح هذه المصانع خاوية على عروشها من الأيدي العاملة المدربة ويضطر أخيراً صاحب المصنع إلى إغلاقه لعدم الجدوى، ويقوم بدوره بشراء أسطول من التوك توك يدر عليه دخلاً كبيراً وسهلاً دون تعب أو جهد كبير، وبلا ضرائب أو أعباء مالية تذكر.

كما أن كل الشباب الذين يقضون ساعات النهار والليل في قيادة التوك توك ليسوا مسجلين لدى الحكومة، وليس لديهم تأمين صحي أو اجتماعي، وبالتالي فإن الحكومة تعدهم ضمن نسبة البطالة لتتفاقم الأزمة أكثر فأكثر، حين يهجر الشباب المصري رويداً رويداً مواقع العمل والإنتاج الحقيقية، ليهاجروا إلى دولة التوك توك لتحقيق آمالهم وأحلامهم بأقل مجهود.

وقد بدأت الآثار السلبية طويلة الأجل في الظهور رويداً رويداً حيث بدأت بعض المهن والحرف في فقدان الأيدي المدربة الخبيرة وأصبحنا نعاني من دخول المدعين وأنصاف الحرفيين إلى سوق العمل نظراً لعزوف الشباب الصغير عن التدرب على هذه المهن أو الحرف مفضلين الهجرة إلى التوك توك.

وهنا يثور التساؤل.. متى تتدخل الحكومة الرشيدة لوقف الخطر الداهم على الاقتصاد الوطني الذي يعاني ويئن من كثرة الأعباء وقلة الإنتاج.

أوقفوا استيراد التوك توك يرحمكم الله، فهو وباء يصيب الاقتصاد المصري في مقتل، ففيه سلبيات ومساوئ كثيرة ومنافع للناس.. وإثمه أكبر من نفعه..

اللهم إني قد بلغت… اللهم فاشهد.

شارك برأيك وأضف تعليق

2024 ©