رئيس التحريرأميرة عبدالله

التسريبات النفطية وأثرها على البيئة والمعايير المُستخدَمة في إدارة ومعالجة مخلفات النفط المنسكب

التسريبات النفطية وأثرها على البيئة والمعايير المُستخدَمة في إدارة ومعالجة مخلفات النفط المنسكب

جمع وإعداد / محمد السيد شتلة المدرب الثقافي بالمؤسسة الثقافية العمالية. معهد السلامة والصحة المهنية بالقاهرة..

يُعرَّف «التسرُّب النفطي» بأنه: «عملية إطلاق غير مُتعمَّدة للسوائل الهيدروكربونية البترولية في البيئة، ويُمثِّل شكلًا من أشكال التلوُّث، وهو يشير -عادةً- إلى انسكابات النفط في البحار، وقد يحدث هذا على الأرض أيضًا».

ومن أهمِّ حوادث تسرُّب النفط في العالم، والتي أدَّت إلى كوارث بيئية؛ منها ما كان نتيجة حروبٍ، أو بسبب أخطاءٍ من قِبَلِ شركات استخراج النفط، أو بسبب تصادم الناقلات:

– حقل نفط نوروز (إيران – بالخليج العربي) 1983م.

– حرائق آبار النفط الكويتية (الخليج العربي) 1991م.

– كاستيللو دي بللفر (جنوب أفريقيا) 1983م.

– ناقلة النفط MT Haven (إيطاليا) 1991م.

وتُؤثِّر الانسكابات النفطية على البيئة، لا سيما البيئة البحرية، والبيئة المحيطة بها من شواطئ، وتعتمد شدَّة هذا الأثر على كمية النفط المنسكب أو المتسرِّب، ونوعه، وما يحتويه من آثارٍ ذات سُميَّة، ومدى حساسية الكائنات المُتضرِّرة بالنِّسبة للنفط.

ومثل تلك الآثار السلبيَّة عادةً ما تُسمَّى: «كوارث بيئية»، تُؤثِّر على بقاء الأحياء البحرية والنباتات.

ويكشف التقييم العلمي لتلك الآثار عن أن التجمُّعات على مستوى الكائنات عادةً ما تكون أكثر قدرةً على التكيُّف، واستعادة النظام البيئي وظائفَه الطبيعية، بالإضافة إلى عمليات المساعدة على إزالة النفط.

ومن الثابت أن معظم أنواع النفط تطفو على سطح البحر، وتنتشر في مساحاتٍ كبيرةٍ نتيجة الأمواج، والرياح، والتيارات المائية، وقد تَتشتَّت بعض أنواع النفط ذات الكثافة المنخفضة بشكلٍ طبيعيٍّ داخل المياه لأمتارٍ قليلةٍ من المياه العلوية في عمود المياه بفعل الأمواج المتلاطمة.

ونحن هنا بصدد تأثير الانسكابات النفطية على البيئة، وسُبُل مواجهتها، ولابد لنا من التأكيد على عددٍ من النقاط الأساسية في هذا الشأن:

* البيئة البحرية لها قدرة عالية على التعافـي طبيعيًّا من التقلُّبات الشديدة التي تُسبِّبها الظواهر الطبيعية، بالإضافة إلى الانسكابات النفطية.

* تتمثَّل الأضرار البيئية للانسكابات في الاختناقات، والسُّميَّة، ولكن شدة هذه الأضرار تعتمد على نوع النفط المنسكب، ومدى سرعة انتشاره.

* أكثر الكائنات تَعرُّضًا للخطر هي الموجودة على سطح البحر، أو على السواحل.

* التخطيط الجيِّد لعمليات الاستجابة والتنفيذ يتجنَّب الأضرار، ويُمثِّل خطوةً أوليةً في طريق التعافي، وإزالة النفط.

* التدابير والإجراءات المُصمَّمة جيدًا لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه يمكن أحيانًا أن تُحسِّن من عملية التعافي.

وتتمثَّل عملية المواجهة والإجراءات الفنية لإزالة الانسكابات في عددٍ من العمليات الخاصة، نُجْمِلُها فيما يلي:

* المراقبة الجوية للبُقَع النفطية المنسكبة.

* مصير تلك الانسكابات البحرية.

* استخدام حواجز التَّطويق الطافية في مواجهة التلوُّث النفطي.

* استخدام المُشتِّتات لمعالجة الانسكابات.

* استخدام أجهزة الكشط في المواجهة.

* اكتشاف النفط على السواحل، والتعرُّف عليه.

* عمليات تنظيف النفط من السواحل.

* استخدام المواد الماصَّة لمواجهة التلوُّث.

* التخلُّص من النفط، وحُطَام السفن.

* القيادة والسيطرة، وإدارة الانسكابات النفطية.

* معرفة آثار تلوُّث النفط على البيئة، والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية.

* أَخْذ العيِّنات من الانسكابات ورصدها.

* التَّخطيط لحالات الطوارئ في الانسكابات النفطية البحرية.

* الاستجابة للحوادث الكيميائية البحرية.

وتَجدُر الإشارة هنا إلى أن إدارة المُخلَّفات تبدأ بإزالة النفط والحُطَام المُلوَّث بالنفط على خط الساحل، أو في البحر، وتتضمَّن التخزين المؤقت، والنقل، والمعالجة، والتخلُّص الآمن، مع مراعاة خطورة النفط.

وتتلخَّص التَّحديات الرئيسة التي تواجه الإدارة المُستدَامة للمُخلَّفات في المبادئ الخمسة مرتبةً طبقًا للأفضلية.

هذا التسلسل الهرمي للمُخلَّفات يعتبر دليلًا مقبولًا دوليًّا لأولويات ممارسات إدارة المخلفات.

وتقليل حجم المخلفات بالآتـي:

* اختيار تقنية ذات كفاءة للتنظيف، مع أولويَّة التنظيف في الموقع التي تُقلِّل جمع المياه الرواسب غير الملوثة.

* أن نكون انتقائيِّين عند تطبيق أي تقنية.

* نتجنَّب انتشار التلوُّث (التحكُّم والحماية لطرق الوصول…).

* تقليل تلويث المواد، واستخدام المواد المستهلكة.

وإعادة الاستخدام بالآتي:

– إعطاء الأولويَّة لإعادة استخدام المُعدَّات، ومُعدَّات الحماية (عندما يكون ممكنًا بالتنظيف بدلًا من التخلُّص منها).

وإعادة التدوير/التسميد بالآتـي:

* الاستفادة القُصْوى من المُخلَّفات (استصلاح المُخلَّفات، وإعادة المعالجة).

واسترداد الطاقة بالآتي:

* استعادة القيمة الحراريَّة للمُخلَّفات كبديلٍ للوقود لتوليد الكهرباء أو الحرارة.

وتقليل دَفْن المُخلَّفات كتخلُّصٍ نهائيٍّ بالآتي:

* إعطاء الأولويَّة للاختيارات السابقة والمعالجة على أساس أن التخلُّص النهائي للرواسب المتبقية بالدفن هو آخر اختيارٍ مرغوبٍ فيه بسبب استهلاك الحيِّز المتاح، وكذلك خطورة التلوث الثانوي الممكن حدوثه على المدى الطويل.

مثال: المياه الجوفية أو التي على السطح.

ويُسْتخدَم دفن المخلفات كتخلُّص نهائي عندما يتعذَّر فصل المخلفات المختلطة، وكذلك للرواسب المتبقية بعد عملية التدوير/ الاسترداد.

ومن الأهمية بمكانٍ أن نشير هنا إلى أن عمليات الجمع، والنقل، والتخزين، والمعالجة، والتخلُّص من النفط والمخلفات الملوثة بالنفط تُمثِّل تَحدِّيًا لُوجستيًّا كبيرًا، حيث يتطلَّب ذلك إفراد مساحةٍ أو جزءٍ كبيرٍ من خُطَّة الطوارئ القومية أو المحلية للانسكابات النفطية للاعتبارات الخاصة بإدارة المخلفات.

السلامة والصحة دائمًا تأتـي أولًا:

ولتقليل المخاطر قبل البدء في العمليات، ينبغي على مسئول السلامة:

* إجراء عمليَّة تقييم المخاطر، وتحديد تدابير التخفيف.

* إبلاغ المُتطوِّعين المخاطر، وتدابير التخفيف في المكان من خلال موجز السلامة.

* مُعدَّات الوقاية الشخصية (PPE) المناسبة يجب أن تكون محددةً؛ لتجنُّب المشاكل المتعلقة بالأنواع المختلفة من المخاطر:

– التعامل مع المُلوِّث والمخاطر العامَّة لموقع العمل حيث استخدام الماكينات:

– الأوفارولات، والبَدلات غير المنسوجة، والملابس المضادة للماء.

– قُفَّازات للحماية من المواد الكيميائية، والجروح، ومخاطر درجة الحرارة، فإنَّ الاختيار يعتمد على المهمة.

– قُفَّازات مقاومة للمواد الكيميائية، أو قُفَّازات العمل.

– أحذية السلامة، أو الأحذية مع غطاء إصبع القدم الواقي.

– الملابس المرئيَّة بوضوحٍ.

– قُبْعة أو غطاء صُلْب.

– الحماية ضد الغبار إذا لزم الأمر: قطعة الوجه (قناع) بالمُرشِّح، والتي تغطي الأنف والفم، بصمام زفير أو بدون، ويقوم هذا النظام بترشيح الهواء من الجسيمات، ولكنه لا يحمي من الغازات والأبخرة.

– نظَّارات السلامة في حالة مخاطر التناثر، والغبار، والشظايا.

– حاميات أو سدَّادات الأذن أثناء تشغيل الماكينات.

– سُتْرات النجاة، أو أجهزة الطفو الشخصية (بي إف دي) عند العمل في البحر، أو جانب الرصيف البحري.

الخطر المحتمل من استنشاق بخارٍ ضارٍّ:

اعتمادًا على خصائص النفط، والوقت الذي يقضيه في عرض البحر، فإن النفط القادم إلى الشاطئ، والذي تمَّ جمعه، ربما يكون قد حدثت له تغيُّرات كاملة نتيجة التعرُّض للجو، أو ربما تكون غير كاملةٍ. وفي حالة الخطر المرتبط بالمستويات الضارة من أبخرة النفط، فإنَّ مُعدَّات التنفُّس مع أنبوب المرشح المناسب أمرٌ ضروريٌّ.

وللتأكُّد من أنَّ هذا الأمر قد وُضِعَ في الاعتبار عند حدوث انسكابٍ، ينبغي وَضْع وثيقةٍ تشغيليةٍ تُحدِّد بشكلٍ مثاليٍّ على الفور:

* أدوار ومسئوليات السلطات المنوطة بإدارة المخلفات، والدعم الممكن من قِبَلِ الصناعة (المصافي، ومصانع الإسمنت…)، وكذلك الترتيبات التنظيمية، وعمليات اتخاذ القرار.

* الإطار التنظيمي المعمول به في البلاد للمخلفات الخطرة، والذي يتناول التخزين، والمعالجة، وأنظمة التخلُّص، وتحرُّكات المُخلَّفات الخطرة العابرة للحدود، ومُتطلَّبات النقل (التتبع/سندات الشحن والتعبئة والتغليف، ووضع العلامات).

* استراتيجية/أهداف وتوصيات لكل خطوةٍ من عملية إدارة المخلفات لتحسين الكفاءة والتكلفة.

* نوع المُخلَّفات التي يمكن أن تنتج عن تسرُّب النفط، وإجراءات التعامل مع كل نوعٍ منها.

* تفاصيل الاتصال بمُقدِّمي الخدمات المتخصصين، والمختبرات، والأعمال المدنية، وشركات النقل المرخصة، ومُورِّدي مُعدَّات الحماية والاحتواء، وذلك للحد من الوقت اللازم للبحث عنهم في حالات الطوارئ.

* منشآت المُعَالجة والتخلُّص المرخصة والمتاحة (محطة المعالجة الحيوية، والمحارق الصناعية، ومصانع الإسمنت، والمصافي ومدافن المخلفات الخطرة…)، والمتطلبات والقيود التشغيلية الخاصة بهم (على سبيل المثال: نوع المخلفات التي يمكنهم تَولِّيها – معايير الدخول – والقدرات).

* مواقع التخزين الوسيطة المناسبة، أو معايير اختيار الموقع، وكذلك المعلومات والتصاميم المطلوبة.

* حفظ السِّجلَّات والتقارير المطلوبة لأسبابٍ قانونيةٍ تعويضية، أو لاسترداد التكاليف ذات الصلة (مثال: كميات ونوعية المخلفات، نوع وسندات الشحن…)

شارك برأيك وأضف تعليق

2024 ©