رئيس التحريرأميرة عبدالله

إعادة توطين العمالة المصرية فى العراق.. آليات جديدة وتحديات كبرى.. واتحاد عمال مصر داعم 

إعادة توطين العمالة المصرية فى العراق.. آليات جديدة وتحديات كبرى.. واتحاد عمال مصر داعم 

 

 

 

تقرير : دينا محسن مسئول الدراسات والبحوث باتحاد نقابات 

 

انعقدت قمة ثلاثية بين كل من الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسى”، ورئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي”، والعاهل الأردني الملك “عبد الله الثاني”، وذلك فى إطار التعاون الاقتصادي والسياسى والأمنى، ومن أجل الاستفادة من هذا الزخم السياسي واستثماره، بدأ الجانب المصرى لاتخاذ خطوات جادة لتمهيد الطريق، أمام فتح باب عودة العمالة المصرية إلى العراق.

ومن ثم بدأت مصر تحركات على المستوى الحكومي، وذلك لتحديد الفرص الاقتصادية والاستثمارية المتاحة، ومشروعات إعادة الإعمار في العراق، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتنفيذا لمخرجات الزيارة التاريخية، التي أجراها الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” إلي بغداد.

فبعد توقف تجاوز ٣١ عاماً، عادت اللجنة المصرية العراقية المشتركة برئاسة رئيس الوزراء المصرى المهندس “مصطفى مدبولي”، ورئيس الوزراء العراقي الدكتور “مصطفى الكاظمي”، للانعقاد مجدداً، حيث كان آخر اجتماع لتلك اللجنة في العام ١٩٨٩م، وهو ما يأتي عقب تحركات مصرية أردنية عراقية وعقد قمة مشتركة على المستوى الرئاسي لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول الثلاث في أغسطس الماضي.

ومن المنتظر أن تسهم الاجتماعات الحالية بين مصر والعراق في الخروج بعدة نتائج إيجابية على مستوى التعاون الاقتصادي، لعل أبرزها تكثيف تحركات الشركات المصرية للمساهمة في مشروعات إعادة إعمار العراق، لكن النتيجة الأهم هى إمكانية عودة العمالة المصرية إلي بغداد، خاصة في مجال التشييد والبناء.

يُذكر فى نفس السياق، أن العمالة المصرية تعرضت في بعض الدول العربية للكثير من المشاكل في السنوات الأخيرة، سواء بسبب الحروب والنزاعات أو الثورات أو انخفاض أسعار النفط أو جائحة كورونا، أو بعض الإجراءات التي تتخذها تلك الدول لإعادة هيكلة سوق العمل الخاص بها، وإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية، وتسريع توطين العمالة الأصلية في هذه الدول بدلاً من الوافدين، إلى جانب فرض رسوم على العمالة الوافدة.

لكن برغم هذه الظروف الصعبة التي تواجه العمالة المصرية في الدول العربية، يتوقع ممثلون للمصريين في الخارج وشركات إلحاق العمالة، أن تشهد الفترة المقبلة زيادة ملحوظة في عودة المصريين إلى الدول العربية، خاصة الدول التى دمرتها الحروب بنيتها التحتية وتحتاج لإعادة إعمار كامل.

*أعداد العمالة المصرية بالعراق.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن التقديرات تشير إلي وجود نحو ٩ ونصف مليون مصرى يعملون بالخارج، إلا أن وزيرة الهجرة نبيلة مكرم قالت في تصريحات سابقة إن هذا الرقم “لا يعكس الحقيقة”، مقدرة أعداد تلك العمالة بنحو ١٣ مليون مصرى موزعة على جميع الدول، التي تأتي السعودية فى مقدمتها باستيعاب حوالي ٢ مليون عامل مصري.

ولا توجد أرقام دقيقة بشأن العمالة المصرية العاملة في العراق، لكن تقديرات سابقة لشعبة إلحاق العمالة باتحاد الغرف التجارية تشير إلي أن عددهم يتراوح بين ١٠٠ ألف إلي ١٥٠ ألف عامل، حيث كانت السوق العراقية واحدة من أهم الأسواق استيعاباً للعمالة المصرية قبل الغزو الأمريكي لبغداد في ٢٠٠٣، أي قبل نحو ١٧ عاما.

*تحديات كبرى..

بعدما بدأ التنسيق الرسمى ما بين الجانبين المصرى والعراقى، قامت وزيرة التجارة والصناعة المصرية “نيفين جامع”، بزيارة تضم وفداً من مسؤولين حكوميين ورجال أعمال إلى العاصمة العراقية.

وتعول حكومتي البلدين على التنسيق المشترك والتعاون الاقتصادي بين مصر والعراق، لاسيما مع التقدير الذى تحظى به التجربة المصرية في التنمية والعمران، وتلبية احتياجات العراق من الخبرة والعمالة والشركات المصرية في العديد من المجالات، خاصة القطاعين التجاري والزراعي، وحل العديد من الأزمات التي يمر بها العراق حالياً.

لكن هناك تحديات كبرى تواجه إنجاح تلك الفكرة وهذا المشروع، المشاركة المصرية في مشروعات إعادة إعمار العراق، نجد على سبيل المثال؛ أن تحديد معيار واضح لطرق سداد مستحقات شركات المقاولات والتشييد التي ستنفذ تلك المشروعات، بالإضافة إلى تحديد آليات حماية معداتها وعمالها، وطرق تحفيزها على المشاركة، لم تبدو الرؤية واضحة بشكل كامل فى هذا الأمر.

والتحدى الأكبر هو تأمين العمالة المصرية نفسها، خاصة وأن العراق لم يستعيد سيادته بالكامل على كل أراضيه، بالإضافة لوجود تنظيم داعش الإرهابى وميليشيات مسلحة أخرى.

*أبرز ملامح التبادل التجارى والتعاون الاقتصادى المصرى العراقى.

يأتى فى نفس السياق، أن نتاج تلك الاجتماعات كان مجموعة من المقترحات التي تصب في اتجاه زيادة التعاون الاقتصادي مع الجانب العراقي، لعل أبرزها إنشاء منطقة لوجيستية لتخزين البضائع المصرية على الحدود العراقية الأردنية، وإنشاء مركز تجاري للمنتجات المصرية في بغداد، وتنمية الصناعات المحلية والابتكار وريادة الأعمال، وتبادل المعلومات التجارية وبيانات المصدرين والمستوردين، وحرية انتقال السلع المصرية للسوق العراقية ودخول الشاحنات المصرية للأراضي العراقية، وتطبيق اتفاقية الدول العربية على منفذ “طريبيل”.

وتسعى الحكومة ممثلة في وزارة التعاون الدولي لإشراك الشركات المصرية بمشروعات البنية التحتية بالعراق، في إطار جهود الحكومة العراقية لإعادة إعمار المحافظات المتضررة من جراء الأعمال الإرهابية، ومن بين أبرز القطاعات التي ستستفيد من تلك الخطوة قطاع مواد البناء المصري، الذي يترقب تنفيذ مقترح بتفعيل الطريق البري بين مصر والعراق.

جديرٌ بالذكر أن اتحاد الغرف التجارية قد شارك بوفد تجاوز ٢٠٠ شركة مصرية في مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق الشقيقة، والذي نظمته غرفة الكويت للتجارة والصناعة.

وصرّح “أحمد الوكيل” رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن وفد مصر رأسه المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية، والمهندس مصطفى مدبولي وزير الإسكان، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، والدكتور محمد البدري مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، وكان ذلك استكمالا للقاءات الناجحة التى تمت ببغداد مع رئيس الحكومة والوزراء وقيادات الحكومة العراقية والهيئات المانحة واتحاد الغرف، فضلاً عن التنسيق الذي تم مع رؤساء اتحادات الغرف الكويتية والعراقية والسعودية والإماراتية وكبرى شركاتهم التي شاركت في ملتقى الاستثمار الثالث بالقاهرة لخلق تحالفات عربية وتعظيم مشاركة الشركات المصرية في مشروعات إعادة الإعمار.

فالمؤتمر تحدث به رئيس وزراء العراق ووزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا و٨ وزراء عراقيين وأكثر من ٤٠ من الهيئات التمويلية والمانحة والبنوك والصناديق الإنمائية الدولية والعربية، حيث التزموا بتمويل مشروعات بالعراق قيمتها عدة مليارات تضمنت ٣ مليارات دولار من الولايات المتحدة، و٧٥٠ مليون من فرنسا، وذلك بخلاف التمويل المقدم للقطاع الخاص من البنك الدولي والصناديق الإنمائية.

كما أن الشيخ “علي الغانم” رئيس غرفة الكويت، وافق على المشاركة الضخمة من الشركات المصرية ليكون حينها أكبر وفد بالمؤتمر الذي شارك به أكثر من ٢٠٠٠ مشارك من مختلف دول العالم، وذلك لخلق شراكات فاعلة في مشروعات إعادة الإعمار، وكذلك زيادة المزيج السلعي للصادرات وتيسير انسيابها.

على الجانب الآخر، أكدت كبرى الشركات المصرية الخاصة والعامة المعنية بإعادة الإعمار من مكاتب استشارية وشركات المقاولات ومشروعات الكهرباء والمياه والبترول والاتصالات ومصانع مواد البناء والمعدات إلى جانب كبرى المصانع المنتجة للمعدات الطبية والدوائية والكهربائية والأثاث والمفروشات، أنه تم حصر المشروعات سواء من موازنة الحكومة العراقية أو من خلال هيئات المعونات والبنوك الإنمائية، إلى جانب آليات تمويل المشروعات والصادرات وتأمين مخاطر الصادرات والاستثمار، لضمان جاهزية الشركات المصرية ولدعمهم في مفاوضاتهم سواء للمشروعات أو تنمية الصادرات.

حيث أنه جار التنسيق من خلال اتحاد غرف البحر الأبيض واتحاد الغرف الأوروبية مع كبرى الشركات الأوروبية، لخلق تحالفات في مشروعات إعادة الإعمار بمشاركة مصرية فاعلة سواء في المقاولات أو مكونات المشروعات ومواد البناء.

وخلال الفترة الماضية تم عقد عدة لقاءات تحضيرية سابقة على الاجتماعات التي تمت في العاصمة العراقية بغداد، مثل اجتماع خبراء الجانب المصري الذي عقد بمقر وزارة التعاون الدولي، حيث أنه تم توقيع عدد من الوثائق الهامة بين مصر والعراق، وذلك خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة، في عدة قطاعات حيوية منها “النقل الجوي، والبحري، والضرائب، والصناعة، والصحة، والعدل، والإسكان والتشييد والبناء، وحماية البيئة، وغيرها من الاتفاقيات الهامة”.

ويعمل الخبراء من الجانبين حالياً على التجهيز للاجتماع والاتفاق على الصياغات النهائية، ودعم وتأمين عودة العمالة المصرية إلى العراق.

*اتحاد نقابات عمال مصر يدعم تلك الخطوة ويؤيدها.

وفي هذا الإطار أكد اتحاد نقابات عمال مصر، على أنه فى ظل الدور التاريخي للعمالة المصرية في العراق خلال ثمانينات القرن العشرين، والثقة التي نالتها هذه العمالة لدى قطاعات الأعمال في العراق في كافة المجالات، ستشهد الفترة القادمة ارتفاعاً نسبياً في معدلات عودة تلك العمالة إلى العراق.

كما يؤكد اتحاد عمال مصر، على ضرورة التنسيق الأمنى من أجل تأمين عودة العمالة المصرية للعراق، وحمايتها كذلك هناك، فهذه الخطوة المهمة تعمل على تخفيف وطأة البطالة، وتعزيز الاقتصاد المصرى من خلال مسار تنموى، قائم على عودة العلاقات التجارية الاقتصادية المصرية العراقية المشتركة، بشكل دائم ومستمر ومستقر.

شارك برأيك وأضف تعليق

2024 ©