رئيس التحريرأميرة عبدالله

في ندوة إتحاد الكتاب العرب بدمشق “غصن” : الحوار الاجتماعي ضرورة لتحقيق التنمية..والحركة النقابية دورها هام وحيوي لمواجهة التحديات الراهنة

في ندوة إتحاد الكتاب العرب بدمشق “غصن” : الحوار الاجتماعي ضرورة لتحقيق التنمية..والحركة النقابية دورها هام وحيوي لمواجهة التحديات الراهنة

التحديات التي تواجه العالم اليوم “إرهاب واحتلال وهجرة وبطالة ونزوح” تتطلب مزيد من التعاون والتحالف من أجل مواجهة السياسات الرأسمالية المتوحشة والعولمة الاقتصادية الجائرة

جائحة فيروس كورونا تكشف فضيحة مدوية … ما يزيد عن ٥٥٪ من سكان العالم لا يحظون بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية

كتبت:اميرة عبدالله

بدعوة من إتحاد الكتاب العرب بدمشق شارك “غسان غصن “الامين العام للإتحاد الدولي لنقابات العرب في الحوار التفاعلي المفتوح ظهر يوم الثلاثاء 24/11/2020 ..تضمنت الفعاليات محاضرة بعنوان “الحوار الإجتماعي ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة”..وتلاها حوار مفتوح مع الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب..وأدار الفعالية الأديب العربي ،د. حسين عمر حمادة بحضور عدد كبير من الأُدباء والكُتاب والمثقفين والباحثين والقادة النقابيين.

بعدها تم فتح باب الحوار مع الحضور حول استفساراتهم ومبادراتهم الخلاقة و المناقشة ،وتم الرد على اسألتهم من قبل “غصن ” بمنتهي الشفافية والوضوح

وجاء نص كلمة الأمين العام للإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ..كالتالي :

“يشرفني بداية باسم الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ان البي دعوة اتحاد الكتاب العرب, مثمنا هذا النشاط المميز مشاركة نخب من الكتاب العرب وكوكبة من الاساتذة السيدات والسادة المعنين بالقضايا الاجتماعية الاقتصادية والنقابية. في ندوة، حول الحوار الاجتماعي بين أطراف الانتاج الثلاثة ضرورة لتحقيق التنمية ودور الحركة النقابية في مواجهة التحديات..
السيدات والسادة
لقد وجدت مقاربة هذا الحوار من محورين أساسيين يشغلان هموم المجتمع.
الهم الأول أهمية الحوار الاجتماعي بما يتصل بواقعة جائحة فيروس كورونا المستجد وأثره على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية دون الدخول طبعا بالمجال الطبي حيث لهذا الموضوع من الأطباء والعلماء والاختصاصين من يثبر اغواره.
اما الهم الثاني فيتناول وجوب الحوار بين شركاء الانتاج في ظل العولمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية على العمال.
المحور الأول.
دور المنظمات النقابية العمالية في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد في ظل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية وأثرها على سوق العمل والتسبب بارتفاع معدلات البطالة واتساع دائرة الفقر في المنطقة العربية الناجمة عن تفشي هذا الوباء الخطير.
وإلى إبراز القصور في التعاون بين مختلف الأطراف للتصدي لهذا الوباء في كافة ارجاء المعمورة، كما بينت الأزمة أنّ الإدارة المرتجلة وانعدام المشاركة في التخطيط وغياب الشفافية في الإنفاق العام وتحديد أولوياته وكذلك سوء ادارة المال العام، أدت الى سرعت تفشي هذا الوباء بل زادته انتشارا وعمقا في بعض الأحيان..
الحضور الكريم.
انه الوقت المناسب لإعادة النظر في أولويات الإنفاق العام ووضع سياسات هادفة لتحقيق النمو الاقتصادي الكلي والتنمية الشاملة، وتطبيق سياسات مالية جديدة تهدف الى دعم القطاعات الانتاجية وتحفيز القروض التفضيلية وضماناتها. وإعادة النظر بالأنظمة الضريبية التي تمكن المجتمعات على مواجهة الكوارث والأوبئة والحالات الطارئة الأخرى.
فلقد أشار تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي لغرب اسيا (الإسكوا) هذا العام (٢٠٢٠) انه من المتوقع مع تفاقم أزمة «كوفيد-١٩» لا سيما في دول المشرق العربي أن يقع ما يقارب ٨.٣ مليون شخص إضافي في براثن الفقر، كما ستفقد المنطقة ما لا يقل عن ١.٧ مليون وظيفة. ومن التوقّع ايضا وصول عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى ١٠١ مليون شخص، بزيادة ما يقرب ١٠٪ على الرازحين دون هذا الخط. فيما المطلوب وفقا لبرنامج الأمم المتحدة خفض هذه النسبة، لا بل القضاء كليا على الفقر المدقع. بحلول العام 2030.في منطقة تستعر فيها الحروب والنزاعات المسلحة، ما يؤدي إلى المزيد في زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في هذه البلدان، لا بل إلى ازدياد حدّة النزاعات واستدامتها في ظلّ هذا الواقع المرير.
إذا كيف لغالبية الدول العربية وخصوصًا تلك التي ترزح تحت أعباء البطالة والمديونية الثقيلة أن تتمكن من معالجة مشكلة تزايد الفقر وانعدام النمو الاقتصادي وتبعات مرحلة ما بعد جائحة فيروس كورونا؟
في الوقت الذي لم نرَ تحركًا تضامنيًا عربيا لإنشاء صندوق إقليمي للتضامن الاجتماعي يهدف إلى دعم البلدان الأقل نموًا والمعرّضة لخطر تفشي هذا الوباء، بما يوفّر لها الإغاثة في حالات نقص المواد الطبية والغذائية والطوارئ الصحية. كما لم نشهد تحركًا على مستوى الخطر الداهم من قبل الصناديق والمؤسسات المالية والإنمائية العربية القائمة، وكذلك المؤسسات المالية المتعددة الأطراف، لتوجيه استثماراتها نحو القطاع الصحي وكذلك دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والعمل على المساعدة لإعادة هيكلة سداد الدين العام وخفضه، بما يسهم بتخفيف الأعباء المالية عن هذه البلدان، ويتيح لها معالجة تداعيات جائحة كورونا.
وتجدر الاشارة الى انه برغم من أن المبادرات الوطنيّة لاحتواء تفشي هذا الوباء في العديد من البلدان العربيّة كانت فورية وجديرة بالثناء، الا ان جائحة فيروس كورونا كشف هشاشة الأنظمة الصحية القائمة غير القادرة على التصدي لهذا الوباء، مما يستوجب مسارعة الحكومات الى تعزيز نظم الحماية الصحية والاجتماعية، بدا من توسيع شبكات الأمان الاجتماعي، والرعاية الصحية الشاملة وتأمين السكن بالكلفة الادنى، ودعم المعوزين و الفقراء والفئات الهشة والمهمشة والنازحين واللاجئين . والنهوض بالمشاريع الصغيرة وحمايتها من الإفلاس، ودفع عجلة الاقتصاد بما يحول دون انهيار اقتصاديات هذه البلدان.
السيدات والسادة
لقد كشفت جائحة فيروس كورونا فضيحة مدوية حيث تبين أنّ ما يزيد عن ٥٥٪ من سكان العالم لا يحظون بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، كما أنّ حوالي ٤٠٪ من الناس لا يتمتعون بالتغطية الصحية الملائمة، ولا تتمكن النسبة العظمى من العمال والاجراء في العالم تحمّل اوزار البطالة أو العيش بنصف راتب. وبالتالي هم مجبرون على العمل حتى ولو تعرضوا عرّضوا حياتهم وحياة من حولهم لخطر الإصابة بالمرض، فهم بكل الأحوال بحاجةٍ إلى العمل من اجل تامين لقمة العيش.
في موازاة خطر الإصابة بهذا الفيروس القاتل لا يجب الاستهانة بالضائقة الاجتماعية والمعيشية التي سوف يواجهها عالم ما بعد جائحة كورونا. حيث من الضروري استباق المرحلة واعطاء الأولوية لصياغة أنظمة للحماية الاجتماعية الشاملة واعداد برامج تسهم بالتخفيف من حدّة الأزمة وتحقيق التنمية المستدامة.
السيدات والسادة،
في هذا السياق، لا بد ان نعبر باسم الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب عن تضامننا مع عمال وشعوب الوطن العربي وفي كافة ارجاء المعمورة. وان نثمنا التضحيات الجمة الذي يقدمها اولائك الذين يقفون على خطوط التماس في موجهة هذا الوباء القاتل من أطباء وممرضين وممرضات وموظفين وعمال ومتطوعين. مطالبينا بمضاعفة الجهود والتعاون الدولي في مكافحة ومنع تفشيي هذا الوباء، وتامين صحة وسلامة البشر. والكف من محاولات الاعتداء على حقوق العمال واجورهم. واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة السابقة لجائحة فيروس كورونا، ذريعة لإصحاب العمل لتسريح العمال وتقويض الحقوق والضمانات الاجتماعية للأجراء وزيادة الضائقة الاجتماعية والمعيشية على محدودي الدخل. وجعل العمال يدفعون تكلفة الأزمة الاقتصادية وتداعيات الناجمة عن تفشي هذا الوباء المقيت.
الحضور الكريم
تأتي “جائحة كورونا” لتضيف على الطبقة العاملة، معاناة فوق معاناتها، ففي الوقت الذي توقعت منظمة العمل الدولية زيادة البطالة العالمية بنهاية العام 2020 نحو 200 مليون شخص. وان الحماية الاجتماعية الملائمة لا تغطي سوى 27% من سكان العالم، وأنه في كل عام يفقد حوالي 2.3 مليون عامل حياتهم، فضلاً عن الأعباء الثقيلة المتمثلة في الأمراض المهنية. جاءت تحذيرات المنظمة العالمية من ان النتائج “المدمرة” التي ستخلفها جائحة كورونا على العمال، حيث أكدت على أن سوق العمل يواجه “أسوأ أزمة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية”، متوقعة أن تؤدي أزمة وباء فيروس كورونا المستجد إلى إلغاء 6.7 بالمئة من إجمالي ساعات العمل في العالم في النصف الثاني من عام 2020، أي ما يعادل 195 مليون وظيفة بدوام كامل، من بينها 5 ملايين وظيفة في الدول العربية، اذ ان الإغلاق الجبري لأماكن العمل وتوقفت دورة الإنتاج في العديد من دول العالم. بسبب تفشي الوباء انعكس سلبا على أكثر من 81% من القوى العاملة العالمية والبالغ عددها 3.3 مليار انسان، فخسر الملايين من العمال أعمالهم.
كما أوضحت المنظمة ان أكثر العمال تأثرا تتركز في قطاعات محددة منها: قطاع الغذاء والفنادق (144 مليون عامل)، وقطاع البيع بالجملة والتجزئة (582 مليونا)، وقطاع خدمات الأعمال والإدارة (157 مليونا)، وقطاع التصنيع (463 مليونا)، حيث أن تلك القطاعات تشكل نحو 37.5% من التوظيف العالمي حسب تقارير موثوقة. بالإضافة الى العمال في القطاع غير المنظم.

السيدات والسادة،
ازاء هذا الواقع المرير فإننا في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ندعو العمال العرب وعمال العالم الى الوحدة والتضامن في مواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة الناجمة عن هذه الجائحة المدمرة، ونطالب الحكومات ومنظمات أصحاب العمل، الى تأمين اعلى معايير الصحة والسلامة المهنية جنب إلى جنب تأمين فرص العمل اللائق والحماية الاجتماعية و تحقيق المزيد من الإنجازات والمكتسبات، لرفع مستوى المعيشة وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، تحقيقا للكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية وضمانا للاستقرار والسلام العالمي.

كما ندعو عمال الوطن الى مواصلة العمل والكفاح من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات النقابية، وتحقيق المزيد من المكتسبات لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وصيانة وحدة واستقلالية وديمقراطية الحركة النقابية العربية، وتعزيز التزامها وارتباطها بقضايا العمال والمجتمع، ومواصلة الجهود الرامية لتطوير الحركة النقابية العربية، وتمكينها من مواكبة التحديات التي تفرضها المتغيرات الاقتصادية الاجتماعية والتكنولوجية، لمواجهة تفشي البطالة وتفاقم بؤر العوز والفقر ومستنقعات الجهل واتساع الفجوات في المجتمعات العربية.
وهذا يتطلب تعزيز وحدة الحركة النقابية العربية وتطوير بناها وشعاراتها واليات عملها، وذلك عبر صوغ استراتيجية نقابية عربية، تهدف الى تحقيق التكامل والتوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية بما يتلاءم مع المتغيرات التي فرضتها جائحة كورونا خصوصا لجهة أنماط العمل الجديدة وأبرزها “العمل عن بعد”، خارج مواقع العمل، والذي يحتاج الى نقاش معمق لا يتسع المجال في هذه الندوة لتناوله.

كما ندعو الى المزيد من التعاون بين مؤسسات العمل العربي المشترك وبذل الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي العربي وإقامة السوق العربية المشتركة، وتعزيز الدور الاقتصادي والاجتماعي للقطاع العام وتطويره وتخليصه من الشوائب والسلبيات والعوائق البيروقراطية، باعتباره ضمانة للاستقرار الاجتماعي والامن الوطني والقومي.

-المحور الثاني
السيدات والسادة
ان كنت تناولت موضوع الحوار الاجتماعي ودور الحركة النقابية العربية في المحور الاول انطلاقا من حدث طارئ اجتاح الكوكب من رياح الأرض الأربعة وما تسبب به فيروس كورونا المستجد من كوارث إنسانية، صحية واقتصادية واجتماعية ومعيشية. الا ان الحوار الاجتماعي حول اثر العولمة الاقتصادية والتداعيات الاجتماعية الناتجة عنها. يبقى المرتكز الأساس للبنية التنموية في الوطن العربي والمسرى الالزامي لتحقيق العدالة الاجتماعية. والمعبر الأساس للشركة الاجتماعية بين أطراف الإنتاج الثلاث. الحكومات وأصحاب العمل والعمال، من اجل مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم في غياب الحوار الاجتماعي.
وادراكا لأهمية هذا الموضوع الذي لم يغب مرة عن اعمال مؤتمرات منظمتي العمل العربية الدولية منذ التأسيس. ما اعتمده مؤتمر العمل الدولي في فيلادلفيا العام 1944.الذي حدد اهداف المنظمة وغايتها، والتي اصبحت المشاركة المباشرة لإصحاب العمل والعمال توجها إلزاميا جديدا متقدما للمنظمة الدولية بما يضع فريقي الانتاج بكفة متساوية مع فريق الحكومات. ما يخلق الثقة بين الأطراف ويشركهم بالقرار، رغم المصالح المختلفة والمتباعدة والمتضاربة في بعض الأحيان. ما يحقق نتائج إيجابية ويؤدي الى الاتفاق في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والبيئية.
لاسيما ان العولمة التي اعتنقت المبادئ الاقتصادية النيو ليبرالية واليات “اقتصاد السوق” أدت الى فوارق اجتماعية خطيرة. ما يستدعي حوارا اجتماعيا يحظى بالمصداقية للحد من اثارها السلبية وتحقيق عولمة عادلة تعيد التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. بما يحقق الأهداف المرجوة منها وهي الازدهار الاقتصادي ورفاه المجتمع.
كم انه لا بديل عن الحوار الاجتماعي من اجل صياغة السياسات الاقتصادية بمهارة بما يوازن بين الصالح المتناقضة لأصحاب العمل والعمال. بين مضاعفة الارباح وتخفيض الكلفة. بين زيادة الأجور وتحسين التقديمات الاجتماعية واستخدام الايدي العاملة الرخيصة الاجر دون أي حماية اجتماعية. فضلا عن مراعات المصالح المشتركة المتصلة بتشجيع الاستثمار وتحفيز الإنتاجية وزيادة فرص العمل والحد من البطالة. ذلك ان الحوار الاجتماعي البناء يؤدي الى الاستقرار الاجتماعي ويحافظ على السلم الاهلي.
الحضور الكريم
إن أجندة العمل العربية للتشغيل التي اعتمدتها كافة الدولة العربية في المنتدى العربي للتشغيل في عام 2009 تَؤكد على اولوية تعزيز الحوار الاجتماعي، وتشجع على إنشاء مجالس اقتصادية واجتماعية، وتحث الحكومات على إقرار وتطبيق اتفاقيات منظمة العمل الدولية المتعلقة بالحوار الاجتماعي وربطه بالحريات العامة، وتدعو أيضاً إلى إضفاء الطابع المؤسسي عليه. وهذه “الأجندة” خير دليل على رغبة كافة الأطراف في الحوار الإجتماعي من أجل تحقيق التنمية ومواجهة التحديات في إطار الوحدة والعمل المشترك.
كما ان المؤتمر الإقليمي الأول حول الحوار الاجتماعي العربي الذي استضافته منظمتي العمل الدولية والعربية في العام 2010 أعلن في اختتم أعماله عن اتفاقية لبناء أطر وطنية جديدة للحوار الاجتماعي وتطوير الأطر القائمة.
رغم كل هذه الرغبات في الحوار وهذا التنسيق المستمر إلا أن تجارب كثيرة جرت في عدة دول عربية، قليل منها تكلل بالنجاح حيث أصدرت منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريرا في عام 2013 حول: “نظرة جديدة إلى النمو الاقتصادي، نحو مجتمعات عربية منتجة وشاملة” بين أن أكبر حالات العجز المسجلة في المنطقة العربية هي في مجالي الحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعي…
وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة معرفة مواطن الخلل لإصلاحه. لأننا في الحقيقة نمر بمرحلة دقيقة أصبحنا فيها جميعا، على يقين ان الحوار الاجتماعي أولوية تحتاجه اليه بلادنا بشدة، من اجل الإصلاح والبناء. وان مستلزمات الحوار الاجتماعي وشروط نجاحه الأساسية تستوجب وقبل أي شيء:

  • توفر الحريات النقابية
  • وجود منظمات نقابية ممثلة للعمال معترف بها يحظى العمال بحق الانضمام اليها وحق التنظيم. تتمتع بحرية إدارة شؤونهم والدفاع عن مصالح عمالها، حركة نقابية عمالية مناضلة موحدة مرصوصة الصفوف مؤثرة وقوية.
  • وجود مصالح مشتركة متبادلة بين أطراف الإنتاج تبدأ من حاجة كل منهم الى الاخر لتحقيق تطلعاته وأهدافه ومصالحه، يتأتى من حوار اجتماعي للحد من التوتر والنزاعات التي تنشأ فيما بينهم.
  • اقتناع أطراف الإنتاج بالحوار الاجتماعي بحيث يؤدي الى نتائج ايجابية تؤمنه اتفاقات العمل الجماعية، تنظم شروط العمل وتتوافق مع مصالحهم المشتركة وتتمتع بقوة ملزمة لمختلف أطراف الإنتاج.
  • الاعتراف بحق الاضراب متى فشل الحوار الاجتماعي بما يؤدي الى التوازن في علاقات العمل بين الأطراف الثلاث.
    السيدات والسادة
    ان ضمانات نجاح الحوار الاجتماعي تنطلق من كفالة حق التنظيم واستقلالية الحركة النقابية وحريتها في إدارة شؤونها
    والعمل على وحدتها وتكاتفها، وأنه لابد أيضاً من رفع الوعي لدى أصحاب الأعمال لدورهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تامين الاستقرار. وتكوين منظمات تكون مهمتها رفع هذا الوعي بحيث ينخرطون في الحوار الإجتماعي وألا يبقى هدف أصحاب الأعمال تحقيق الارباح فقط ولو على حساب حقوق العمال. وأن تلتزم الحكومات الحيادية والموضوعية في النقاش والحوار واحترام الاتفاقيات العربية والدولية، وأن تدرك دورها الحقيقي في الرعاية الاجتماعية. وتسعى إلى إنشاء معاهد متخصصة في مجال البحوث ودراسات العمل وتأهيل مفتشين العمل، وبذلك تتحقق التنمية المستدامة المبنية على أسس من العلم والمعرفة والحوار الحقيقي.
    السيدات والسادة،
    إننا نرى أن أهمية الحوار الاجتماعي في وطننا العربي خصوصا في هذا الزمن الرديء والمرحلة الداكنة وتحدياتها الخطيرة وأثر التطرف والإرهاب والاحتلال الإسرائيلي، ومخططات الدول الاستعمارية وادواتها الرأسمالية صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، من اجل السيطرة على ثروات بلداننا وافقار شعوبها، وانعكاس ذلك على عملية التنمية والتقدم الاقتصادي في وطننا العربي وعلى العمال ومحدودي الدخل بشكل خاص.
    من هنا تأتي أهمية “الحوار الإجتماعي” بين ثلاثي الانتاج “الحكومات وأصحاب عمل والعمال انطلاقا من:
    • احترام المعايير الدولية المتعلقة بالحوار الاجتماعي.
    • تحديث تشريعات العمل الوطنية وتطوير إدارات العمل.
    • تعزيز استقلالية منظمات العمال ومنظمات أصحاب العمل من خلال بناء قدراتها الفنية وتمكينها الحصول على المعلومات.
    • تحقيق المساواة بين الجنسين في جميع الميادين وكافة البرامج والأنشطة.
    • وضع مؤشرات الحوار الاجتماعي كجزء من المؤشرات العامة للعمل اللائق.
    • تنظيم لقاءات ثنائية وثلاثية في العديد من المجالات المهنية والقطاعية
    ذلك ان الحوار الاجتماعي لا يمكن أن يتحقق دون أرضية صلبة للحوار تواجه التحديات وتزيل المعوقات انطلاقا من احترام الحقوق الاساسية في العمل طبقا لما جاء في اعلان المبادئ والحقوق الاساسية في العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية العام 1998..
    وفي هذه المناسبة لا بد ان اشير الى أن الإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الذي تأسس في الرابع والعشرين من شهر اذار\ مارس 1956 اعلن في مقدمة دستوره عن تمسكه بالحوار الاجتماعي ودعمه العمل العربي المشترك وانه مستمر في حمل رسالته السامية والنضالية كإطار يعبّر عن وحدة الطبقة العاملة العربية وكفاحها من أجل إقامة المجتمع العربي الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية، معتبرا ان هذا مرهون بتحرير الأرض العربية من قوى الاستعمار والهيمنة والاستغلال بكافة مظاهرها العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة من العدو الإسرائيلي، وترسيخ التضامن العمالي العالمي والدفاع عن حقوق العمال. منطلقا من ترسيخ مؤسسات العمل العربي المشترك والتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة بقضايا العمل والعمال وانطلاقاً من دوره كعضو فاعل في منظمتي العمل العربية والدولية من خلال تمثيل أكثر من مئة مليون عامل عربي.
    كما الاتحاد الدولي يعتبر:
    أنّ التحديات التي تواجه العالم اليوم من إرهاب واحتلال وهجرة وبطالة ونزوح تتطلب منا المزيد من التعاون والتحالف من أجل مواجهة السياسات الرأسمالية النيو ليبرالية المتوحشة والعولمة الاقتصادية الجائرة التي تقود الكرة الأرضية إلى الدمار والضياع.
    والى ضع الخطط اللازمة لمواجهة تلك التحديات من أجل تحقيق العمل اللائق وتأمين الحماية الاجتماعية والصحية والسلامة المهنية. والحفاظ على البيئة.
    والنضال من أجل ضمان حقوق العمال وكرامة العامل. وحقّ التنظيم النقابي والتفاوض الجماعي ومواجهة التحديات المختلفة التي تواجه الحركة النقابية العمالية العالمية على مختلف المستويات لا سيما البطالة والهجرة والنزوح.
    والتصدي لمحاولات تفتيت النقابات وخلق الانشقاق بين المراكز النقابية من اجل إضعاف الحركة العمالية العربية وتشتيتها لمصلحة القوى الرأسمالية.
    السعي مع الشركاء الإجتماعيين نحو تشريعات تحقق التوزان بين أطراف الانتاج الثلاثة والتنسيق والعمل على محاربة كلّ أشكال الاستغلال والحدّ من تحويل العامل إلى مجرد سلعة ومواجهة العولمة الجائرة والرأسمالية المتوحشة وأدواتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
    التأكيد على أنّ الإرهاب لا يتمثل فقط بسفك دماء الأبرياء بل يتمثل أيضاً بالحصار الاقتصادي والمالي والعقوبات الجماعية وهو أسوأ أشكال الإرهاب الذي تمارسه الدول الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها من الدول الغربية على الدول المستقلة الحرة التي تأبى الانصياع لإملاءاتها والخضوع لهيمنتها وإذلال شعبها.
    وما قانون قيصر الذي استنبط من باطن العقل الامبريالي الارهابي الذي اقره الكونغرس الأميركي الذي يعاقب كل من يتعامل مع الدولة السورية مؤسسات كانوا ام وأفراد ما يؤدي الى منع التصدير ووقف استيراد المشتقات النفطية والحاجيات الحيوية والسلع الاساسية والضرورية، لخلق أزمات اقتصادية ومعيشية وحياتية ومحاصرة الشعب السوري وتجويعه وشد الخناق على الدولة السورية وفرض خيارات سياسية عليها واجبارها القبول “بصفقة القرن” وتصفية القضية الفلسطينية وتوطين اللاجئين والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي الغاصب لفلسطين. والتنازل عن السيادة الوطنية على الجولان السوري المحتل. لاسيما ان سوريا الجريحة عانت على مدى ثماني سنوات حربا إرهابية كونية جندت لها الإدارة الأميركية واتباعها كل رعاع الأرض فدمرت المرافق الحيوية والمنشاة النفطية وقطاعات الإنتاج. ونهبت المصانع وهدمت الأسواق التجارية واحرقت المحاصيل الزراعية وهجرت المواطنين في حرب إرهابية لحرمان سوريا من ثرواتها الطبيعية وطاقاتها البشرية قدراتها الذاتية.
    المثابرة في نصرة القضية الفلسطينية ومؤازرة شعبها ورفض الاستسلام والتطبيع مع العدو الإسرائيلي الغاصب لفلسطين ومطالبة الأمم المتحدة بتنفيذ كافة القرارات ذات الصلة بداء من القرار الاممي 194 المتعلق بحق عودة وصولا الى القرارات بجلائه الاحتلال عن كافة الأراضي العربية المحتلة، ومواصلة فضح السياسة العدوانية التوسُّعية للحركة الصهيونية التي تشَكِّل “صفقة القرن حلقة من حلقات المشروع الصهيوني الأمريكي الإمبريالي الذي يهدف إلى الهيمنة على المنطقة العربية باسرها. وأيقظ الفتن الدينية والطائفية وازكاء الصراعات المذهبية وتشجيع التكفير ودعم التطرف وزعزعة الاستقرار من خلال الاقتتال والفوضى الخلاقة وإحكام السيطرة على ثروات الامة ومنابع النفط والطاقة التي تُشَكِّل هدفاً مركزياً لمشروع “الشرق الأوسط الجديد”
    أخيرا التمسك بحق الشعوب بتقرير مصيرها وخيار المقاومة لتحرير ارضها والدفاع عن سيادة وحرية واستقلال بلدها.
    شكرا لحضورك والشكر الجزيل للأخوة الكتاب العرب لإتاحة الفرصة للحديث وابداء الراي حول مقتضيات الحوار الاجتماعي بين أطراف الانتاج الثلاثة ضرورة لتحقيق التنمية ومواجهة التحديات.

شارك برأيك وأضف تعليق

أحدث التعليقات

    2024 ©