رئيس التحريرأميرة عبدالله

الحديد والصلب: دورها رئيسي فى بناء «السد العالى» و«منصات الصواريخ»

الحديد والصلب: دورها  رئيسي فى بناء «السد العالى» و«منصات الصواريخ»

بقلم: القيادي العمالي صلاح الانصاري

كان إنشاء شركة «الحديد والصلب» الحلم الذى راود جمال عبدالناصر، صحيح أن آخرين حلموا بذلك منذ عام 1932، بعد توليد الكهرباء من خزان أسوان، إلا أنه لم يتم اتخاذ أى خطوات ليتحقق الحلم على أرض الواقع حتى أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مرسوماً بتأسيس الشركة يوم 14 يونيو 1954 فى منطقة «التبين» بحلوان، كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب فى العالم العربى، برأس مال 21 مليون جنيه.كان الحلم صعب المنال قبل هذا التاريخ.

وأثناء افتتاح «عبدالناصر» للمصنع، قال نصاً فى خطبة له، بتاريخ 27 يوليو 1958: «إن إقامة صناعة الحديد والصلب فى بلدنا كانت دائماً الحلم الذى ننظر إليه منذ سنين طويلة، وكنا نعتقد أنه بعيد المنال، وفى خطب العرش إللى كنا بنسمعها واحنا أطفال صغيرين، كنا كل سنة نسمع الوعود بإقامة صناعة الحديد، وكنا جميعاً نعلم أن الحديد الخام يوجد فى بلدنا، وأن الفراعنة كانوا بيستعملوا هذا الحديد منذ آلاف السنين، ولكنا كنا دائماً نجابه العقبات والاعتراضات من السيطرة الخارجية ومن الاستعمار، وأنا أذكر من سنين.. من سنة ٣٠، كنت كل سنة أسمع خطبة العرش، وكانت خطبة العرش تقول: سنقيم صناعة الحديد والصلب، لغاية سنة ٥٠ -يمكن كانت آخر خطبة عرش سمعناها- كان فيه وعد برضه بإقامة صناعة الحديد والصلب، وطبعاً كانت هناك أسباب خفية تمنع إقامة هذه الصناعة فى بلدنا، لأن الهدف كان إبقاءنا دولة زراعية وعدم تمكينّا من إقامة صناعة فى بلدنا».طُرحت الشركة فى البداية للاكتتاب الشعبى، وكانت قيمة السهم جنيهين مصريين، يضاف إليهما خمسون مليماً مصاريف إصدار، وفى يوم 23 يوليو 1955 وضع عبدالناصر مع أعضاء مجلس قيادة الثورة حجر الأساس الأول للمشروع على مساحة تزيد على 2500 فدان شاملة المصانع والمدينة السكنية التابعة لها والمسجد الملحق بها، بعد توقيع العقد مع شركة «ديماج ديسبرج» الألمانية (ألمانيا الشرقية آنذاك) لإنشاء المصانع وتقديم الخبرات الفنية اللازمة.تأخر موعد الانتهاء من المصنع نظراً لظروف العدوان الثلاثى عام 1956 وتضافرت جهود أجهزة الدولة مثل مصلحة الطرق، المرور، وسلاح الحدود لإنهاء المشروع الوليد، وفى نفس التوقيت تم تشغيل ميناء الدخيلة لتوريد الفحم اللازم لتشغيل الأفران، وكذلك مدّ خط سكك حديدية من الميناء إلى حلوان، وخط سكك حديدية آخر لتوصيل خام الحديد من الواحات إلى حلوان.وفى 27 يوليو 1958 افتتح عبدالناصر الشركة الوليدة لتبدأ الإنتاج فى نفس العام باستخدام فرنين عاليين صُنعا بألمانيا، (وقد تمت زيادة السعة الإنتاجية للمجمع باستخدام فرن عالٍ ثالث صناعة روسية عام 1973، لحقه الفرن الرابع بغرض زيادة إنتاج الشركة من الصلب عام 1979)، ليضم المجمع بذلك أربعة أفران عالية. «الحديد والصلب» التى أسسها عبدالناصر كانت لخدمة القارة الأفريقية والشرق الأوسط والدول العربية، وهو ما أكد عليه «عبدالناصر» فى كلمته عند الافتتاح قائلاً: «فى سنة ٥٥ كنا بنعمل هذا المصنع علشان تلبية احتياجات مصر، وفى سنة ٥٨ تمت الوحدة بين سوريا ومصر، والنهارده بنعتبر إن هذا المصنع هو لخدمة البلدين بل لخدمة الأمة العربية كلها.. وأنا برضه أحب أطلب من أعضاء مجلس الإدارة إن زى احنا ما طلعنا اتدرّبنا بره أو فيه ناس طلعت اتدربت، إن فيه ناس من سوريا تيجى تشترك وتعمل فى هذا المصنع، وناس تيجى تتدرّب، ونعتبر إن هذا المصنع هو مصنع الحديد والصلب للأمة العربية كلها، وناس من باقى البلاد العربية تيجى هنا تتدرّب وتشترك معانا فى التدريب وفى التعليم، طبعاً دى باعتبرها رسالة بالنسبة لنا».وتحوّل مجمع الحديد والصلب من مجرد حلم إلى قلعة ساهمت فى بناء مرحلة اقتصادية مهمة من تاريخ مصر الحديث، وبلغت مساحتها نحو 3000 فدان، ملحق بها مدينة للعمال ومسجد ووحدة صحية ونقطة إسعاف وشرطة على مساحة 500 فدان، وتم ربط ميناء الدخيلة بمجمع الحديد والصلب لتوريد الفحم والكوك ومنتجات التصنيع، باستخدام خطين متوازيين للسكك الحديدية، الأول يربط ميناء الدخيلة بالمجمع فى التبين، والثانى يُستخدم فى توريد خام الحديد من الواحات البحرية إلى مجمع الحديد والصلب فى منطقة التبين.بعد مرور أربع سنوات فقط من تأسيس المجمع ارتفع إنتاجه من 200 ألف طن إلى 1.2 مليون طن سنوياً، وبدأت النظرة المستقبلية للاقتصاد فى التحسن، وساهمت «الحديد والصلب» فى تنمية شاملة للصناعات الأخرى باعتبارها صناعة مغذية للعديد من الصناعات الأخرى المرتبطة بها فى التشييد والبناء والصناعات الثقيلة والخفيفة.المجمع ساهم فى بناء اقتصاد الستينات وتم ربطه بميناء الدخيلة.. ووصلت معدلات إنتاجه إلى 1٫5 مليون طندور «الحديد والصلب» كان رئيسياً فى بناء السد العالى، بعد أن اقترحت موسكو على عبدالناصر تطوير المجمع، للمساعدة فى بناء السد العالى الذى رفض البنك الدولى المساهمة فيه بضغط من أمريكا. وكانت الخامات والألواح والكمرات الصلب التى تم استخدامها فى بناء جسم السد من الإنتاج المحلى لمجمع الحديد والصلب.وقد امتد دور الشركة أيضاً فى الفترة التى أعقبت 1967 وحتى تحقيق النصر فى عام 1973، حيث ساهمت فى بناء ما دمرته الحرب أو بناء حوائط الصواريخ والحصون العسكرية وبالفعل زادت معدلات الإنتاج لمجمع الحديد والصلب ليقفز إلى 1.5 مليون طن أواخر الستينات، وتميز إنتاج المجمع بمنتج مشكل (صلب، وألواح، وقضبان، وفلنكات حديدية وبلنجات السكك الحديدية)، بالإضافة إلى الزوايا والكمرات والستائر الحديدية وأنابيب ومستودعات البترول، إضافة إلى مساهمته الكبيرة فى تصنيع منتجات السماد الفسفورى.

شارك برأيك وأضف تعليق

أحدث التعليقات

    2024 ©